وقد تطورت وسيلة القسطرة القلبية كثيرا في العقود الأخيرة بحيث أصبحت وسيلة هامة تشخيصية، علاجية، فأصبح من الممكن استخدامها لتوسيع الشرايين المغذية للقلب والمصابة بالضيق، أو لسد الفتحات بين حجرات القلب.
وقد كان أول إكتشاف للقسطرة القلبية عام 1929 م، حيث أجريت في البداية للجزء الأيمن من القلب (الأذين الأيمن والبطين الأيمن) وفي عام 1950 م تم إجراء أول قسطرة لكل تجاويف القلب اليمنى واليسرى.
يتم إجراء القسطرة القلبية في المراكز الطبية الكبيرة، ويحتاج إجراؤها لتوفر جهاز القسطرة القلبية المكون من أجهزة تصوير ومراقبة.
يتم في البداية تهدئة المريض، بعدها يتم إدخال القسطرة (عبارة عن أنبوب رفيع وطويل) عبر أحد الأوردة الكبيرة الوريد الفخذى أو العضدی)، ويدخل القسطار تدريجيا مع مراقبة مكانه بواسطة التصوير الشعاعي (لأنه ظليل على الأشعة ويمكن رؤية مكانه بالتحديد)، وحيث أنه من المعلوم أن أي وريد سوف ينتهي بأحد الوريدين الأجوفين الأيمن أو الأيسر، فإنه يصبح من الممكن العبور للأذين الأيمن ومنه يمكن العبور للبطين الأيمن والشريان الرئوي.
كما أنه من خلال الحاجز بين الأذينين يمكن العبور للأذين الأيسر (عند الأطفال توجد ثقبة صغيرة بشكل طبيعي تغلق فيما بعد) . كذلك يمكن إستخدام أي شریان محيطي للوصول للجزء الأيسر من القلب لأن أي شريان يتصل بالأبهر، ومن خلال الأبهر يمكن الوصول للأذين الأيسر والبطين الأيسر وهكذا.
يمكن بواسطة القسطرة القلبية الحصول على كثير من المعلومات الخاصة بالمريض ومنها ما يلي
1- قياس الضغوط داخل حجرات القلب والأوعية الدموية الكبيرة:
وهذا الأمر هام وأساسي في تقييم المرضي، وهو سهل الإجراء حيث يتم وصل طرف القسطرة خارج الجسم إلى جهاز خاص يقوم بقياس الضغط في كل جزء يصل إليه طرف القسطرة الأخر، وهنالك جداول تبين القيم الطبيعية للضغوط حسب العمر حيث يتم مقارنة القيم التي يحصل عليها مع القيم الطبيعية، ومن المعلوم أن وجود أي عائق أمام تيار الدم سوف يرفع الضغط، ومثال ذلك يؤدي وجود ضيق في الصمام الرئوي إلى إعاقة ضخ الدم من البطين الأيمن، وبالتالي يرتفع الضغط بالبطين الأيمن عن القيم الطبيعية.
۲- قياس تركيز الأكسجين في الدم :
وذلك عن طريق أخذ عينات دموية من كل جزء يصل إليه طرف القسطرة حيث تقاس نسبة الأكسجين في عينات الدم وتقارن مع القيم الطبيعية، ويفيد هذا الإجراء بشكل خاص عند وجود عيوب في تشريح القلب تؤدي إلى اختلاط الدم بين الجزء الأيسر والجزء الأيمن من القلب، ومن أمثلة ذلك يؤدي وجود ثقب في الحاجز الفاصل بين البطين الأيسر والبطين الأيمن إلى مرور الدم الغني بالأكسجين من البطين الأيسر إلى البطين الأيمن الذي يحوي دم فقیر بالأكسجين مما يؤدي لتغير نسبة الأكسجين في الدم الموجود بالبطين الأيمن.
٣- تصوير حجرات القلب بالمواد الظليلة:
ويتم ذلك بحقن مادة ظليلة في أي من حجرات القلب، وبالتالي تظهر هذه الحجرات بشكل أكثر وضوحا، ويتم بهذه التقنية كشف التشوهات التشريحية في القلب ووظيفة الصمامات، وذلك من خلال تتبع مرور المادة الظليلة مع الدم خلال حجرات القلب والأوعية الدموية المتصلة به.
ويمكن استخدام التصوير الظليل لحساب ما يسمى نتاج القلب (كمية الدم التي يضخها القلب خلال الضربة أو الدقة الواحدة) وذلك من خلال معرفة حجم المادة الظليلة وتركيزها في الدم بعد وقت معين.
ولاشك أن التصوير الظليل يمكن الاستفادة منه في تصوير الشرايين المغذية للقلب المعروفه بالشرايين الإكليلية (Coronarny arteries)، وهي شرايين صغيرة تنشأ من الشريان الأبهر وتغذي عضلة القلب نفسها بالدم، ويؤدي حدوث تضيق أو انسداد في هذه الشرايين إلى نقص تروية القلب، حيث يحدث ذلك عند الكبار بسبب عدة عوامل أهمها (التدخين - فرط شحوم الدم)، وعليه فإن تصوير هذه الشرايين يفيد في تحديد مكان التضيق وشدته،وبالتالي تحديد الإجراء العلاجي المناسب.
أما فيما يتعلق بالإجراءات العلاجية التي يمكن إستخدام القسطرة القلبية في تطبيقها فقد تطورت في الآونة الأخيرة بشكل هام، حيث أمكن إستخدام أنواع خاصة من القساطر تحوي في نهايتها بالون قابل للتوسع، وبالتالي يمكن إجراء توسيع للصمامات المتضيقة أو الأوعية المتضيقة، كما يمكن إجراء اغلاق لبعض الفتحات الولادية مثل الفتحة بين البطين الأيمن والأيسر و الفتحة بين الاذين الايمن و الايسر.