أمراض المناعة الذاتية هي نوع من الأمراض التي ينتج فيها الجهاز المناعي للشخص أضدادًا تهاجم الأنسجة في الجسم.
هناك العديد من أنواع أمراض المناعة الذاتية ، وفي دراسة حديثة ، ركز الباحثون بشكل خاص على مرض الوهن العضلي الوبيل myasthenia gravis (MG).
مرض الوهن العضلي الوبيل هي حالة نادرة تتميز بالضعف والتعب السريع للعضلات الإرادية. الأعراض غالبا ما تزداد سوءا بعد الجهد.
مرض الوهن العضلي الوبيل هو مرض مزمن ، ويمكن أن يكون موهنا ، وفي بعض الحالات يكون قاتلا. يصيب ما بين 14 إلى 40 شخصًا لكل 100،000 شخص في الولايات المتحدة ، ولا يوجد له علاج شافي معروف.
يتضمن العلاج عادة أدوية تهدف إلى زيادة مستويات أستيل كولين الكيميائي العضوي المتاح لتحفيز المستقبلات وتحسين قوة العضلات ، وكذلك يتم وصف الأدوية لكبح الجهاز المناعي.
تاريخياً ، كان تشخيص مرض الوهن العضلي الوبيل صعباً لأن الأعراض غالباً ما تحاكي أعراض الحالات العصبية الأخرى ، مثل السكتة الدماغية stroke.
الآن ، أظهر فريق من الباحثين - الذي يوجد مقره في جامعة ألبرتا في إدمونتون (University of Alberta) في كندا - أنه لا يمكن اكتشاف و تشخيص مرض الوهن العضلي الوبيل فقط ، ولكن يمكن توقع تطور المرض من خلال وجود بعض المؤشرات الحيوية الإستقلابية في مصل الدم.
ويأمل الباحثون أن تساعد نتائجهم ، التي تظهر في مجلة Metabolomics ، الأطباء السريريين في تشخيص هذا المرض الصعب والتعرف عليه.
فائدة الواسمات الحيوية biomarkers
الواسم الحيوي عبارة عن مركب بيولوجي صغير تنبع أهميته المرضية في تحديد و كشف بعض الأمراض. يمكن اكتشاف العديد من الأمراض من خلال وجود مؤشرات حيوية في مصل الدم ، ويمكن أن تساعد هذه العلامات في الإشارة إلى نوع العلاج الذي قد يستجيب له الشخص.
حاليًا ، يتم تشخيص مرض الوهن العضلي الوبيل MG من خلال الكشف عن أضداد مستقبلات الأسيتيل كولين وأضداد MuSK ، أضداد أنزيم الكيناز(muscle-specific kinase) الخاصة بالعضلات.
ولكن مع ذلك ، فقد أظهرت الأبحاث السابقة أن هذه المعالم المخبرية لا ترتبط مع شدة المرض أو الاستجابة السريرية للعلاج. وظل تحديد المؤشرات الحيوية للكشف عن شدة مرض الوهن العضلي الوبيل MG بعيد المنال - حتى الآن.
ركزت الدراسة الجديدة على ثلاث مجموعات موضوعية. تتألف الأولى من 46 مشاركًا من المرضى المصابين بمرض الوهن العضلي الوبيل MG ، وتتألف الثانية من 23 مشاركًا مصابون بالتهاب المفاصل الروماتويدي rheumatoid arthritis (وهو أيضا مرض مناعي ذاتي) ، والثالثة تتألف من 49 مشاركًا في ذوي صحة سليمة بغرض المقارنة و المراقبة.
ألقت الدراسة مقاربة مقارنة لمرضين استقلابيين حيث أظهر الأشخاص المصابون بالتهاب المفاصل الروماتويدي أعراضًا متطابقة جسديًا لمرضى مرض الوهن العضلي الوبيل MG ، وكان جميع المشاركين متطابقين بالعمر والجنس بقدر الامكان.
استخلص الباحثون مصل الدم من كل شخص وقاموا بتحليل مكوناته الرئيسية. قاموا بعد ذلك بترشيح المستقلبات لإزالة العناصر المشتركة بين كلتا المجموعتين من المرض ، تاركين فقط العلامات الفريدة ، التي يوجد منها 12.
الملف الاستقلابي metabolic profile يساعد على اكتشاف مرض الوهن العضلي الوبيل MG
الملف الاستقلابي metabolic profile هو دراسة العمليات الكيميائية والجزيئات - بما في ذلك المواد الوسيطة والمنتجات الثانوية - المشاركة في عملية التمثيل الغذائي ، وهو أمر حيوي لبقاء الخلية والكائن الحي.
التغييرات في الاستقلاب يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة وغالبا ما تؤدي إلى المرض. تقدم الواسمات الاستقلابية إمكانية تحديد مشاكل معينة في عملية الأيض المرتبطة بأمراض معينة ، مثل مرض الوهن العضلي الوبيل MG.
وجد الباحثون تمييزًا واضحًا في الواسمات الاستقلابية بين مجموعات الدراسة الثلاثة. بالإضافة إلى ذلك ، كان هناك فصل واضح بين المراحل المختلفة للمرض ، مما يسمح بتحليل تطور المرض.
كان هناك تنظيم محدد لأحماض الكيتو القصيرة السلسلة عند المشاركين المصابين بمرض الوهن العضلي الوبيل MG ، مقارنة مع المجموعة السليمة صحيا. وشملت هذه المركبات مثل حمض ألفا كيتوبوتريك α-ketobutyric acid ، منظم رئيسي في الطرق الاستقلابية.
زيادة حمض α-ketobutyric توحي أن هناك نشاطًا استقلابيا عاليا في خلايا الأشخاص الذين يعانون من مرض الوهن العضلي الوبيا MG. غالبية المستقلبات التي حددها الباحثون لها أيضًا دور مهم في مسارات إنتاج الطاقة.
ومن المثير للاهتمام ، لاحظ الباحثون أيضًا زيادة بعض المستقلبات في مصل الدم للأشخاص المصابين بمرض التصلب العصبي المتعدد MS ، مما يشير إلى أن كلا من هذه الاضطرابات مرتبطة بتحول الطاقة في مسارات التمثيل الغذائي.
يؤدي الخلل في عملية انحلال السكر في الدم إلى انخفاض انتاج الأدينوزين ثلاثي الفوسفات ATP ، وهذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى موت الخلايا وتنكسها ، ,وهي من أعراض الوهن العضلي الوبيل MG.
نقاط القوة والقيود في الدراسة
توضح هذه الدراسة التعرف السريع على المستقلبات الموجودة عند الأشخاص الذين يظهرون أعراض مرض الوهن العضلي الوبيل MG. هذا من شأنه أن يعطي ميزة كبيرة للأطباء الذين يعالجون المرض ويسمح بتشخيص أسرع.
على الرغم من أن هذه الدراسة تمهد الطريق لتحليل أكثر تفصيلاً للملف الاستقلابي metabolic profile لـ MG ، إلا أن هناك قيود على العمل.
وتشمل هذه في الواقع أن بعض الاشخاص المرضى المشاركين في الدراسة سبق أن عولجوا بالعقاقير التي يمكن أن تغير من ملفهم الاستقلابي ، ولم يكن على المشاركين أن يصوموا قبل مشاركتهم بالدراسة.
يمكن أن يكون كل من هذه العوامل قد ساهم في تحديد الإيجابيات الخاطئة. والتحليل كان يجب ان يتم على مجموعة عينات أكبر بكثير. وهذا من شأنه أن يساعد أيضا في ربط العمل من الدراسات السابقة.
على الرغم من هذه القيود ، فمن الواضح أن النتائج يمكن أن تفيد أولئك الذين المصابين بوهن العضلي الوبيل MG أو بأمراض مماثلة.