التيفوس (Typhus) هو مجموعة من الأمراض ذات الشبه والصلة الوثيقة التي تتسبب في حدوثها أنواع مختلفة من الجراثيم من فصيلة الريكيتسيا (Rickettsia) و يعود الفضل في اكتشافها للعالم روشا_ ليما Rocha-Lima عام 1916 الذي استطاع لاول مرة عزل هذه الجراثيم من القمل الذي يعيش على مرضى التيفوس وأطلق عليها اسم الريكتسية البروفاتسكية تخليدا لذكرى العالمين ريكتس و بروفاتسك اللذين عملا لاكتشاف اسباب هذا المرض و كان الاثنان ضحيته بعد أن أثبتا طريقة انتقاله بوساطة القمل و القراد.
يعرف التيفوس أيضا باسم "حمى السجن"، ففي عام 1759 -وبحسب تقدير السلطات- فإن حوالي 25% من السجناء الإنجليز قد ماتوا بسبب ذلك المرض؛ ومن هنا اكتسب هذا الاسم. ويعتقد أن غرف السجون القذرة والمكتظة ساهمت في انتشار القمل بسهولة بين السجناء.
وبعد عام، بدأ مصطلح "التيفوس" يستخدم لوصف هذا المرض، وهو مشتق من كلمة يونانية تعني "دخاني" أو "ضبابي"، تعطي انطباعا عن حالة الهذيان التي يختبرها المصاب بالمرض.
العدوى وطريقة انتقال التيفوس
تنتقل هذه الأمراض إلى البشر عن طريق بعض المفصليات (الحشرات) مثل: القمل (Lice)، والبراغيث (Fleas)، والعث (Mites)، والقراد (Ticks).
وقد تنتقل المفصليات المصابة من شخص إلى آخر مباشرة، أو يتم جلبها عن طريق نواقل كالقوارض والماشية وغيرها من الحيوانات.
وعندما تعض هذه الحشرات المصابة شخصا ما (للحصول على وجبة من دم الإنسان)، فإنها إما تحقن الضحية بسائل معد أو تترك وراءها برازها المليء بالبكتيريا التي تسبب التيفوس. وعند حك مكان العض يفتح الجلد ويسمح للبكتيريا بدخول مجرى الدم، فتنمو وتتكاثر.
انواع مرض التيفوس
هناك ثلاثة أنواع مختلفة من التيفوس، وهذا التصنيف معتمد على نوع البكتيريا المسببة بالإضافة لجنس الحشرة الناقلة (مفصليات الأرجل):
أولا. التيفوس الوبائي أو التيفوس المنقول بالقمل (Epidemic "or louse-borne" typhus)
وهو التيفوس الوبائي التاريخي المعروف منذ أقدم العصور و جائحاته كثيرة في تاريخ البشرية و بخاصة في الحروب و لايزال منتشرا في بعض مناطق اوروبا و أفريقيا و آسيا. ولكن عادة ما يوجد في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية وسوء الصرف الصحي، حيث تشجع هذه الظروف على انتشار القمل.تتسبب في حدوث هذا النوع بكتيريا الريكيتسيا البروفاتسيكيا (Rickettsia prowazekii) التي يحملها قمل الجسم
يتميز المرض بفترة حضانة تمتد من 10- 14 يوما ثم تبدأ فترة الهجوم و تتميز بثلاثة أعراض هي ارتفاع الحرارة و الطفح الجلدي و أعراض التيفوس التي تبدأ بالظهور بعد 2-3 أيام من ظهور الطفح الجلدي تتصف بالهذيان و الذهول و التشوش تستدعي مراقبة المريض تترافق مع تضخم في الطحال و هبوط الضغط الشرياني و ارتفاع اليوريا الدموية (البولة الدموية ruea)
و في نهاية الاسبوع الثاني من المرض يلاحظ انخفاض مفاجئ للحرارة و اختفاء الطفح الجلدي و تكون فترة النقاهة طويلة تمتد لعدة اسابيع تترافق بتعب المريض.
غالبا ما تكون الاصابة خطيرة و مميتة و بخاصة عند الكهول فوق 45 سنة و الوفاة تكون نتيجة الاختلاطات العصبية أو التنفسية أو الدورانية و تبلغ نسبة الوفيات حتى 70% أما عند الاطفال تكون الاصابة أخف وطأة.
بعد الشفاء يكتسب المريض مناعة قوية طويلة الامد تقيه من الاصابات التالية و من اصابات الانواع الاخرى من الريكتسيات.
ثانيا. التيفوس المنقول بالبراغيث أو التيفوس المتوطن (Endemic typhus)
كان يعرف هذا النوع في السابق بتيفوس الفئران (Murine typhus). تسببه بكتيريا الريكتسيا التيفية (Rickettsia typhi)، وتحملها براغيث الفئران. يمكن العثور على التيفوس المتوطن في جميع أنحاء العالم، خاصة بين الناس القريبين من الفئران أو المناطق التي تعيش فيها الفئران ويصيب سائر الاعمار و الأجناس من البشر.
أعراض التيفوس المتوطن تستمر مدة 10-12 يوما، وهي مشابهة جدا لأعراض التيفوس الوبائي ولكنها عادة ما تكون أقل حدة. وتشمل: السعال الجاف، والاستفراغ والغثيان، والإسهال الطفح الجلدي متوسط الشدة و أحيانا لايظهر و بسبب استخدام الأدوية القاتلة للجرذان أصبح انتشار هذا الداء محدودا جدا.
ثالثا. التيفوس الأكالي (Scrub typhus) ويعرف أيضا بتيفوس الادغال
هذا النوع سببه بكتيريا أورينتيا تسوتسوغاموشي (Orientia tsutsugamushi) كما تعرف أيضا باسم الريكتسيا الشرقية ويحملها العث.
وهذا النوع من التيفوس أكثر شيوعا في آسيا وأستراليا وبابوا غينيا الجديدة وجزر المحيط الهادئ. ويسمى أيضا مرض تسوتسوغاموشي.
وتشمل الأعراض التي تظهر على الأشخاص المصابين بالتيفوس الأكالي: تورم العقد اللمفاوية، والتعب، والتهاب الجلد في موضع لدغة، والسعال، والطفح الجلدي.
تشمل بعض مضاعفات التيفوس ما يأتي:
- التهاب الكبد.
- النزيف في الجهاز الهضمي.
- الالتهاب الرئوي.
- تلف الجهاز العصبي المركزي.
- الانخفاض في حجم الدم.
تشخيص مرض التيفوس
وقد يكون تشخيص التيفوس صعبا في بعض الأحيان، وذلك لتشابه أعراضه مع أعراض بعض الأمراض الأخرى، بما في ذلك: حمى الضنك والملاريا وداء البروسيلات (Brucellosis).
وتشمل الاختبارات التشخيصية لوجود التيفوس ما يأتي:
- خزعة الجلد: حيث تؤخذ عينة الجلد من مكان الطفح ليتم فحصها في المختبر والتعرف على البكتيريا المسببة له.
- فحص الويسترن بلوت (Western blot): للكشف عن البكتيريا المسببة للتيفوس.
- الاختبار المناعي باستخدام الفلورة المناعية (Immunofluorescence test): وذلك للكشف عن التيفوس في عينات البلغم.
- صباغة الأنسجة المناعية (Immunohistological staining): يمكن لهذه الطريقة الكشف عن البكتيريا داخل الأنسجة المصابة، والتي عادة ما تكون أنسجة الجلد.
- اختبار الدم الذي يمكن أن تشير نتائجه إلى وجود العدوى.
العلاج والوقاية
الريكتسيات مقاومة على السلفاميدات و البنسيلينات و الصادات من زمرة الامينوغليكوزيد (جنتاميسين , أميكاسين ) و يبدو أن الصادات الفعالة هي التتراسكلينات و الكلورامفينكول و مركبات الفلوروكينولون ( كالسبروفلوكساسين ciprofloxacin والموكسي فلوكساين moxifloxacin) والانتكاسات ليست شائعة عندما يلتزم المريض بجرعة العلاج.
ويمكن الوقاية من التيفوس عن طريق الحفاظ على النظافة الشخصية والنظافة العامة، وتجنب السفر إلى المناطق التي وقع فيها هذا المرض أو إلى البلدان المعرضة لمخاطر عالية بسبب نقص المرافق الصحية، وتجنب الاتصال بنواقل التيفوس كالقمل والبراغيث والقراد، وكذلك تجنب فضلات القوارض.
وفي حال تم العثور على العدوى، يمكن اتباع تدابير خاصة للتخلص من النواقل، مثل: الاستحمام، وغلي الملابس، واستخدام المبيدات الحشرية.